فصل: تفسير الآية رقم (124):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل



.تفسير الآية رقم (120):

القول في تأويل قوله تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [120].
{مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ} أي: المتيسر لهم ملازمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته {وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} أي: عند توجهه إلى الغزو {وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} أي: لا يضنوا بأنفسهم عما يصيب نفسه، أي: لا يختاروا إبقاء أنفسهم على نفسه في الشدائد.
قال الزمخشريّ: أمروا بأن يصحبوه على البأساء والضراء، وأن يكابدوه معه الأهوال برغبة ونشاط واغتباط، وأن يلقوا أنفسهم من الشدائد ما تلقاه نفسه، علماً بأنها أعوز النفس عند الله وأكرمها عليه، فإذا تعرضت، مع كرامتها وعزتها للخوض في شدة وهول، وجب على سائر الأنفس أن تتهافت فيما تعرضت له، ولا يكترث لها أصحابها، ولا يقيموا لها وزناً، وتكون أخف شيء عليهم وأهونه، فضلاً عن أن يربأوا بأنفسهم عن متابعتها ومصاحبتها، ويضنوا بها على ما سمح بنفسه عليه.
وهذا نهي بليغ مع تقبيح لأمرهم، وتوبيخ لهم عليه، وتهييج لمتابعته بأنفة وحمية. انتهى.
روي أن أبا ذر رضي الله عنه، أبطأ به بعيره، فحمل متاعه على ظهره، واتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشياً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى سواده: «كن أبا ذر!» فقال الناس: هو ذاك! فقال: «رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده».
وروي أن أبا خيثمة الأنصاري رضي الله عنه، بلغ بستانه، وكانت له امرأة حسناء فرشت له في الظل، وبسطت له الحصير، وقربت إليه الرطب، والماء البارد.
فنظر فقال: ظل ظليل، ورطب يانع، وماء بارد، وامرأة حسناء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الضح والريح، ما هذا بخير! فقام فَرَحَل ناقته، وأخذ سيفه ورمحه، ومرّ كالريح. فمدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفه إلى الطريق، فإذا براكب يزهاه السراب، فقال: «كن أبا خيثمة!» فكانه، ففرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستغفر له.
قال السهيليّ في الروض: كن أبا ذر، كن أبا خثيمة، لفظه لفظ الأمر، ومعناه كما تقول: أسلم، أي: سلمك الله. انتهى.
وكذا قال غيره من المتقدمين كالفارسي، وذكره المطرزي في قول الحريري: كن أبا زيد.
وفي شعر ابن هلال:
ومعذّر قال الإله لحسنه ** كُنْ فَتنةً للعالمين فَكانَها

ولم يزيدوا في بيانه على هذا، وهو تركيب بديع غريب، ومعناه ساقه الله إلينا. وجعله إياه، ليكون هو القادم علينا، فأقيم فيه العلة مقام المعلول في الجملة الدعائية الإنشائية، على حد قوله في الحديث: «أبْلِ وأخْلِقْ». أي: عمرك الله، ومتعك الله بلباسك لتبلى وتخلق.
وقولهم: أسلم. أي: سلمك الله لتسلم، ثم لما أقيم مقامه أبقي مسنداً إلى فاعله، وإن كان المطلوب منه هو الله، وهو قريب من قولهم: لاأرينَّك ههنا، أي: لا تجلس حتى أراك، وهو تمثيل أو كناية. كذا في العناية.
{ذَلِكَ} إشارة إلى ما دل عليه قوله {مَا كَانَ} من النهي عن التخلف أو وجوب المشابهة {بِأَنَّهُمْ} أي: بسبب أنهم: {لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ} أي: شيء من العطش: {وَلا نَصَبٌ} أي: تعب من السير لاسيما مع العطش {وَلا مَخْمَصَةٌ} أي: مجاعة تضعفهم عن السير: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً} أي: لا يدرسون مكاناً {يُغِيظُ الْكُفَّارَ} أي: الذين هم أعداء الله، وإغضابُ العدوّ يفيد رضا عدوّه {وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً} أي: قتلاً أو هزيمة أو سراً {إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} أي: على إحسانهم. وهو تعليل لـ: {كُتبَ}، وتنبيه على أن تحمل المشاق إحسان، لأن القصد به إعلاء كلمة الله تعالى.

.تفسير الآية رقم (121):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [121].
{وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً} أي: لا يشق مثلها {وَلا كَبِيرَةً} مثل ما أنفق عثمان رضي الله عنه في غزوة تبوك، وهو ألف دينار وثلاثمائة بغير بأحلاسها وأقتابها {وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً} في مسيرهم، وهو كل منفرج ينفذ فيه السيل، إسم فاعل من ودي، إذا سال، فهو السيل نفسه، ثم شاع في محله، ثم صار حقيقة في مطلق الأرض، وجمعه أودية كناد، بمجلس، جمعه أندية إذا سال، فهو السيل نفسه، ثم شاع في محله، ثم صار حقيقة في مطلق الأرض، وناج جمعه أنجية، ولا رابع لها في كلام العرب {إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ} أي: أثبت لهم به عمل صالح {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي: ليجزيهم على كل عمل لهم، كاملٍ أو قاصرٍ، جزاء أحسن أعمالهم. أي: فإذا مالوا بأنفسهم فاتهم ذلك، وكانت المؤاخذة عليهم أشد.
ولما بين تعالى، فيما تقدم، خطر التخلف عن الرسول في الجهاد، وشدّد الوعيد على المتخلفين التاركين للنفير، دفع ما يتوهم من وجوب النفر على الجميع، وفيه ما فيه من الحرج، والإخلال بأمر المعاش، بأن وجوبه كفائي، فقال سبحانه:

.تفسير الآية رقم (122):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [122].
{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} أي: ما صح ولا استقام، بحيث تخلو بلدانهم عن الناس {فَلَوْلا نَفَرَ} أي: فحين لم يمكن نفير الكافة، ولم يكن مصلحة، فهلا نفر {مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} أي: من كل جماعة كثيرة، جماعة قليلة منهم يكفونهم النفير: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} أي: ليتعلموا أمر الدين من النبي صلى الله عليه وسلم {وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ} أي: يعلموهم ويخبروهم ما أمروا به، وما نهوا عنه: {إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} أي: من غزوتهم {لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} أي: فيصلحون أعمالهم.
تنبيهات:
الأول: قال السيوطي في الإكليل: في الآية أن الجهاد فرض كفاية، وأن التفقه في الدين، ونشر العلم، وتعليم الجاهلين كذلك، وفيها الرحلة في طلب العلم.
واستدل بها قوم على قبول خبر الواحد، لأن الطائفة نفر يسير، بل قال مجاهد: إنها تطلق على الواحد. انتهى.
وقال الجصّاص في الأحكام: في الآية دلالة على لزوم خبر الواحد في الديانات التي لا تلزم العامة، ولا تعمّ الحاجة إليها، وذلك لأن الطائفة لما كانت مأمورة بالإنذار انتظم فحوى الدلالة عليه من وجهين:
أحدهما: أن الإنذار يقتضي فعل المأمور به، وإلا لم يكن إنذاراً.
والثاني: أمره إيانا بالحذر عند إنذار الطائفة، لأن معنى قوله: {لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} ليحذروا، وذلك يتضمن لزوم العمل بخبر الواحد، لأن الطائفة تقع على الواحد، فدلالتها ظاهرة. انتهى.
وفي القاموس: أن الطائفة من الشيء القطعة منه، أو الواحدة فصاعداً، أو إلى الألف، أو أقلها رجلان، أو رجل، فيكون بمعنى النفس الطائفة.
قال الراغب: إذا أريد بالطائفة الجمع، فجمع طائف، وإذا أريد به الواحد، فيصح أن يكون جمعاً، وكني به عن الواحد، وأن يجعل راوية وعلّامة، ونحو ذلك.
الثاني: إن قيل: كان الظاهر في الآية: ليتفقهوا في الدين وليعلموا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يفقهون، فلمَ وضع موضع التعليم الإنذار، وموضع يفقهون يحذرون؟ يجاب: بأن ذلك آذن بالغرض منه، وهو اكتساب خشية الله، والحذر من بأسه.
قال الغزالي رحمه الله: كان اسم الفقه في العصر الأول، إسماً لعلم الآخرة، ومعرفة دقائق آفات النفوس، ومفسدة الأعمال، والإحاطة بحقارة الدنيا، وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة، واستيلاء الخوف على القلب، ويدل عليه هذه الآية. كذا في العناية.
قال الزمخشري في الآية: وليجعلوا غرضهم ومرمى همتهم في التفقه، إنذار قومهم وإرشادهم والنصيحة لهم، لا ما ينتحيه الفقهاء من الأغراض الخسيسة، ويؤمونه من المقاصد الركيكة، من التصدر والترؤس والتبسط في البلاد، والتشبه بالظلمة في ملابسهم ومراكبهم، ومنافسة بعضهم بعضاً، وفشوّ داء الضرائر بينهم، وانقلاب حماليق أحدهم إذا لمح ببصره مدرسةً لآخر، أو شرذمة جثوا بين يديه، وتهالكه على أن يكون موطَّأ العقب دون الناس كلهم. فما أبعد هؤلاء من قوله عز وجل:
{لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً}. انتهى.
الثالث: قال القاشاني في الآية: يجب على كل مستعد من جماعةٍ، سلوك طريق طلب العلم، إذا لا يمكن لجميعهم، أما ظاهراً فلفوات المصالح، وأما باطناً فلعدم الاستعداد.
ثم قال: والتفقه في الدين هو من علوم القلب، لا من علوم الكسب، إذ ليس كل من يكتسب العلم يتفقه، كما قال: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ}، والأكنة هي الغشاوات الطبيعية، والحجب النفسانية فمن أراد التفقه فلينفر في سبيل الله، وليسلك طريق التزكية والتصفية، حتى يظهر العلم من قلبه على لسانه، فالمراد من التفقه علم راسخ في القلب، ضارب بعروقه في النفس، ظاهر أثره على الجوارح، بحيث لا يمكن صاحبه ارتكاب ما يخالف ذلك العلم، وإلا لم يكن عالماً.
ألا ترى كيف سلب الله الفقه عمن لم تكن رهبة الله أغلب عليه من رهبة الناس بقوله: {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ}، لكون رهبة الله لازمة للعلم، كما قال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} وسلب العلم عمن لم يعمل به في قوله: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}، وإذا تفقهوا، وظهر علمهم على جوارحهم، أثّر في غيرهم، وتأثروا منه، لارتوائهم به، وترشحهم منه، كما كان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلزم الإنذار الذي هو غايته. انتهى.
ولما أمر تعالى، في صدر السورة، بالبراءة من مشركي العرب وقتالهم، ثم شرح أحوال المنافقين ومخازيهم، أشار إلى خاتمتها بما يطابق فاتحتها بذلك، فقال سبحانه:

.تفسير الآية رقم (123):

القول في تأويل قوله تعالى: {يَا أيهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [123].
{يَا أيهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} أي: يقربون منكم، وهم مشركو جزيرة العرب، كما قلنا.
وقوله تعالى: {وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} قالوا إنها كلمة جامعة للجرأة والصبر على القتال، وشدة العداوة، والعنف في القتل والأسر.
وظاهرها أمر الكفار بأن يجدوا في المؤمنين غلظة، والمقصود أمر المؤمنين بالإتصاف بصفات كالصبر وما معه، حتى يجدهم الكفار متصفين بها، فهي على حدّ قولهم: لا أرينك ههنا.
والغلظة هي ضد الرقة، مثلثة الغين، وبها قرئ. لكن السبعة، على الكسر {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} أي: بالنصرة والمعونة.

.تفسير الآية رقم (124):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أيكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [124].
{وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ} أي: طائفة من القرآن المعجز المحيط بجملة من الحجج ورفع الشبه {فَمِنْهُمْ} أي: من المنافقين {مَنْ يَقُولُ} بعضهم لبعض، {أيكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ} أي: السورة {إيمَاناً} إنكاراً واستهزاءً بالمؤمنين، واعتقادهم زيادة الإيمان بزيادة العلم الحاصل بالوحي والعمل به {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إيمَاناً} لأنها أزيد لليقين والثبات، وأثلج للصدر، لكثرة الدلائل، ورفع الشبة {وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} أي: بنزولها وبما فيه من المنافع الدينية والدنيوية.

.تفسير الآية رقم (125):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ} [125].
{وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أي: كفر وسوء عقيدة {فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ} أي: كفرهم بها مضموماً إلى الكفر بغيرها {وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ} أي: واستحكم ذلك الكفر فيهم، بسبب الزيادة إلى موتهم.

.تفسير الآية رقم (126):

القول في تأويل قوله تعالى: {أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ} [126].
{أَوَلا يَرَوْنَ} يعني المنافقين {أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ} أي: يبتلون بإظهار مكرهم وخيانتهم، أو بنقض عهدهم {فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ} أي: من صنيعهم ونقض عَهْدهم {وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ} أي: يتعظون بأنها آيات قاطعة، وكون الإبتلاء بسبب مخالفتها.
ثم بيّن أحوالهم عند نزولها وهم في محفل تبليغ الوحي، إثر بيان مقالتهم، وهم غائبون عنه بقوله تعالى: